Table of Contents
هل لك أن تتخيل السفر بين الدول بدون وجود الطائرة ؟ تعرّف معنا في هذا المقال على مخترع الطائرة الذي سهّل السفر بين الدول البعيدة والتي لولاها لكان الأمر مستحيلاً .
إذا أرت السفر خارج حدود بلادك ستذهب إلى المطار لحجز رحلة في إحدى الطائرات بكل تأكيد ، إذا كانت المرة الأولى لك ستشعر بالدهشة عند تحليقها ، وسيتبادر إلى ذهنك مباشرة السؤال التالي : من مخترع الطائرة ؟ وكيف تم ذلك ؟ .
سنجيب في هذا المقال عن تلك الأسئلة المتعلقة بتاريخ الطيران وصنع الطائرة الأولى ، وكيف قصرت المسافات و حولت العالم إلى مدن أو شوارع صغيرة ، وماهي استخداماتها الأخرى التي تخدم البشرية .
مخترع الطائرة
أراد الإنسان منذ الزمان القديم تحقيق حلمه بالطيران بشكل جدّي ، وتحول هذا الحلم إلى حقيقة وواقع نتيجة للكثير من الجهود التي بُذِلت ، والعديد من التجارب والمحاولات التي أخفق بعضها وتكللت أخرى بالنجاح والوصول لما نحن عليه في عالم الطيران .
تلك التجارب تم تطبيقها من قِبَل أشخاص كثر على مرّ التاريخ ، حيث ترجع أولى هذه الجهود إلى العام 400 قبل الميلاد عندما قام الفيلسوف و عالِم الرياضيات والفلك الإغريقي
” أولس جيليوس ” بتصميم آلة تطير باستخدام محرك بخاري ، ويُذكر في التاريخ أن هذه الآلة استطاعت التحليق على ارتفاع 200 متر ،
وفي القرن التاسع من الميلاد استطاع ” عباس بن فرناس ” النجاح بأول محاولة طيران بشرية في التاريخ ، حيث يعتبره البعض ” أبو الطيران ” ، واستمرت الجهود والتجارب بعد محاولة ابن فرناس الناجحة بالطيران ،
و بحلول العام 1010 للميلاد قام الراهب البريطاني ايلمر بالتزحلق عن أبراج أحد المعابد وباستخدام أداة يقال إنها مكّنته من الارتفاع والتحليق لعلو 200م .
وصولاً إلى زمن الأخوان ” رايت ” اللذان أطلقا أول طيارة مزودة بمحرك في التاريخ ويعتبران هما من أول من اخترع طيارة في العالم ، وكان ذلك في نهاية القرن التاسع عشر .
قصة الأخوين رايت مخترعا أول طيارة
بعد المحاولة الأولى للطيران ، والتي نجح بها عباس بن فرناس باستخدام طيارة شراعية خفّاقة ، تاركاً إرثاً هامة وبصمة تاريخية ، جاء الدور على الأخوان رايت الشهيران .
– تعريف بحياتهما :
الأخ الأكبر ” ويلبر رايت ” ولد في 16 أبريل 1867 م ، والاخ الاصغر ” أورفيل رايت ” الذي ولد في عام ١٨٧١ م . وُلد الأخوان رايت بالقرب من ميلفيل بولاية إنديانا في الولايات المتحدة الأمريكية .
كان ويلبر هو الطفل الأوسط في عائلة مكونة من خمسة أطفال . والدهما ميلتون رايت كان أسقفاً في كنيسة الإخوة المتحدون في أمريكا . والدتهما سوزان كاثرين كويرنر . تلقّى الأخوان رايت تعليمهم الابتدائي في مدارس عامة في الولايات المتحدة ، وتنقّلوا كثيراً برفقة عائلتهما إلى العديد من المناطق المُختلفة ضمن ولايات أمريكا ، كان لديهم طموح كبير وإيمان عميق بأهدافهم مستمد من والدهم . وكانا صديقين في اللعب ومقربان إلى بعضهما دوناً عن بقية الأخوة . ومن الجدير بالذكر أنه لم يلتحق ويلبر ولا أورفيل بالجامعة ، لكن أختهما الصغرى كاثرين فعلت ذلك .
اهتم ميلتون بأطفاله ، وكان يعمل على إنجاح تعليمهم و تطوير مداركهم وغالباً ما كان يجلب معه ألعاباً صغيرة لأطفاله . في عام 1878 أحضر طائرة هليكوبتر نموذجية صغيرة لأولاده ، كانت مصنوعة من الفلين والخيزران والورق ، ومدعومة بشريط مطاطي لتدوير شفراتها ، وكان ذلك النموذج مستنداً إلى تصميم رائد الطيران الفرنسي ألفونس بينود . فُتن ويلبر وأورفيل باللعبة وميكانيكاها ، وذلك ولّد عندهما حباً مدى الحياة للملاحة الجوية والطيران .
كان ويلبر طفلاً ذكياً ومجتهداً ، وكان متفوقاً في مدرسته . وتمتع بشخصية قوية ، وخطط للالتحاق بجامعة ييل بعد المدرسة الثانوية . ولكن في شتاء 1886 ، وقعت حادثة غيرت مجرى حياة ويلبر ، عندما أصيب بجروح بالغة في لعبة هوكي الجليد ، وهذا ما جعله يدخل في حالة اكتئاب ولم يحصل على شهادة الثانوية ، وألغى خطة التحاقه بالكلية ، وعاد ملتزماً في منزله يقرأ الكتب ويهتم بعائلته .
قد يهمك :
قصة إختراع أول طائرة
عمل الأخوان رايت دائماً على مشاريع ميكانيكية مختلفة وواكبا البحث العلمي ، وتابعا بحث الطيار الألماني أوتو ليلينثال عن كثب . عندما توفي ليلينثال في حادث تحطم طائرة شراعية ، قرر الأخوان رايت بدء تجارب الطيران الخاصة بهم . وعقدوا العزم على تطوير تصميمهما بنجاح ، فتوجه ويلبر وأورفيل إلى مدينة كيتي هوك بولاية نورث كارولينا التي اشتهرت برياحها القوية .
بدأ ويلبر وأورفيل رحلة في محاولة العمل لاكتشاف كيفية تصميم أجنحة للطائرة . لاحظوا أن الطيور تضع أجنحتها بزاوية معينة لتحقيق التوازن والتحكم ، وحاولوا جاهدين محاكاة ذلك ، وطوروا مفهوماً جديداً يسمى ” التواء الجناح” ، عندما أضافوا دفة متحركة ، وجد الأخوان رايت طريقة سحرية في 17 ديسمبر 1903 ، عندما نجحوا في تحليق أول رحلة طيران حرة لطائرة . طار ويلبر بالطائرة التي صنعوها لمدة 59 ثانية ، على مسافة 852 قدم ، وهذا كان إنجازاً تاريخياً.
ولكن سرعان ما وجد الأخوان رايت أن نجاحهما لم يكن موضع التقدير الكافي من قبل الجميع . كانت الصحافة في حينها ، بالإضافة إلى زملائهم خبراء الطيران ، مترددين جداً في تصديق ادعاءات الأخوين رايت . نتيجة لذلك ، سافر ويلبر إلى أوروبا في عام 1908 ، حيث كان يأمل في تحقيق المزيد من النجاح في إقناع الجمهور وبيع الطائرات وتطوير مكانته .
قد يهمك :
بداية الشهرة
وجد ويلبر في فرنسا جمهوراً أكثر تقبلاً له ، وقام بالعديد من الرحلات الجوية العامة ، وشارك المسؤولين والصحفيين ورجال الدولة المهمين في ركوب طائراته . في عام 1909 ، انضم أورفيل إلى شقيقه في أوروبا ، وكذلك لحقت بهما أختهما الصغرى كاثرين .
أصبح الأخوة رايت من المشاهير الكبار هناك ، واستضافهم أفراد العائلة الملكية ورؤساء الدول ، وكانوا يظهرون باستمرار في الصحافة . بدأ الأخوان رايت في بيع طائراتهم في أوروبا وبدأت ثمار أتعابهم ، قبل أن يعودوا إلى الولايات المتحدة عام 1909 . وأصبح الأخوان رايت رجلا أعمال ثريّان ، وقاما بتوقيع عقود طائرات في أوروبا والولايات المتحدة .
حافظ كل من ويلبر وأورفيل على علاقة أخوية وثيقة ومميزة طوال حياتهما ، لكن وراء الكواليس ، كان هناك تقسيم للعمل يبدو في بعض الأحيان كخلافات، لكنه لم يكن سوى اختلاف في طبائع وشخصيات كل منهما ، فبسبب جرأة ويلبر وشخصيته الحادة ، كان هو العقل التجاري والمدير التنفيذي للعمليات ، حيث شغل منصب رئيس شركة رايت .
الوفاة والإرث لمخترع الطائرة
في أبريل من عام ١٩١٢م ، مرض ويلبر في رحلة كانت متجهة إلى بوسطن ، وتم تشخيص إصابته بحمى التيفود ، وتوفي في 30 مايو في منزل عائلته في دايتون بولاية أوهايو . كتب الوالد ميلتون رايت في مذكراته : “حياة قصيرة ، مليئة بالعواقب . لقد كان عقلاً ثابتاً ، ومزاجاً لا يتزعزع ، واعتماده كثيراً على الذات ، وبتواضع عظيم ، ورؤية الحق بوضوح ، ومتابعته بثبات ، فقد عاش ومات “.
في النهاية ، يجب الإشارة إلى تاريخ الطيران ممتع ومثير وفيه أشخاص قضوا حياتهم في إنشاء وتحسين وتطوير الطائرات ، ويذكر التاريخ أصحاب الفضل دائماً ، كما هو الحال مع مخترعا الطائرة ، ويلبر و أورفيل .
المراجع :