Table of Contents
سلطنة بروناي أو كما يطلق عليها دار السلام هي تلك الأمة التي تفيض جمالا و تلتزم التزاما تاما بنشر السلام و هذا واضح في اسمها .
تقع سلطنة بروناي على الساحل الشمالي لجزيرة بورنيو في جنوب شرق آسيا ، تنقسم إلى منطقتين تفصل بينهما بلدة لمبانج التابعة لولاية سراوق الماليزية التي تحيط ببروناي بشكل كامل ما عدا ساحل بروناي الشمالي المطل على بحر الصين الجنوبي.
سلطنة بروناي
سلطنة بروناي هي دولة ذات استقلالية تمتد على جزيرة بورنيو ، تشترك في هذه الجزيرة مع ماليزيا و إندونيسيا ، و تعود نشأتها للقرن السابع الميلادي ، كانت عندها دولة تابعة لمملكة سريفيجايا تحت اسم ‘ بوني ‘ .
أصبحت في ما بعد دولة تابعة لإمبراطورية ماجاباهيت قبل اعتناق الإسلام في القرن الخامس عشر ، في فترة التوسع و العمران امتداد إمبراطورتيها حتى فرضت السيطرة على المناطق الساحلية .
لقد كان الإمبراطورية تاريخا في محاربة إسبانيا في حرب قشتالة عام 1578 ، لكنها ضعفت عندما أجبرت على التنازل عن سراوق لجيمس بروك و التنازل عن صباح لشركة شمال بورنيو المسجلة البريطانية .
بعد هذه التغيرات أصبحت بروناي محمية بريطانية في عام 1888، و قد تولى شؤون حكمها حاكم بريطاني في عام 1906 ، كان أمام سلطنة بروناي عملان أساسيان لنيل الاستقلال ، الأول تجلى في إنهاء الاحتلال الياباني للبلاد ، قامت بعد هذه الخطوة العظيمة بوضع دستور جديد خاص بها ، و الثاني تمثل في العمل لنيل الاستقلال من المملكة المتحدة في الأول من يناير عام 1984 .
شهدت سلطنة بروناي نموا اقتصاديا خلال فترة السبعينيات و التسعينيات وصل معدله إلى 56 % خلال الفترة الممتدة بين عامي 1999 و 2008 مما جعلها تصنف في قائمة الدول الصناعية الحديثة .
صنفت سلطنة بروناي في المرتبة الرابعة في مؤشر التنمية البشرية بين دول جنوب شرق آسيا ، كما احتلت المرتبة 120 من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد في ظل تعادل القوة الشرائية وفقا لصندوق النقد الدولي .
أصل تسمية سلطنة بروناي
في قصة شائعة عن أصل التسمية يقال أن أونج ألك بيتاتر بعد أن قام بإنشاء سلطنة بروناي و رؤيتها على ما هي عليه هتف قائلا ‘ برو ناه’ ، يعني عظيم أو ممتاز ، و من هنا اشتق اسم بروناي .
تم تغيير اسمها لاسم ” باروناي ” في القرن الرابع عشر تأثرا بكلمة “فاروناي” التي تعني البحارة ، ثم تم تحريفها حتى أصبحت بروناي .
و يطلق عليها أيضا اسما رسميا اسم نيجارا دار السلام ، علما أن كلمة نيجارا تعني مدينة ، فيقال دار السلام أو مدينة السلام .
تاريخ سلطنة بروناي
سلطنة بروناي من الدول الجبارة التي بلغت أوج القوة في الفترة الممتدة ما بين القرنين الرابع عشر و السادس عشر ، و قد امتد نفوذ السلطنة إلى المناطق الساحلية .
يختلف علماء التاريخ و الآثار على تحديد الفترة التي دخل فيها الدين الإسلامي بشكل دقيق ، لكن يرجح الأغلبية دخوله في القرن الثاني عشر للميلاد و قد تبين ذلك من خلال دراسة الآثار و من ضمنها شواهد القبور التي وجدت في مقابر إسلامية في سلطنة بروناي ، دلت هذه الشواهد على دخول الإسلام إلى السلطنة قبل فترة طويلة تقدر بحوالي مئة عام على اعتناق أونج الك بيتاتار للإسلام ، أول سلطان مسلم لسلطنة بروناي هو محمد شاه .
استند المؤرخون في أبحاثهم على لاحقة بو ، تلك الكلمة التي تدل على اسم عائلة صينية مسلمة ، و قد وجدت على العديد من شواهد القبور .
أثناء حكم سلالة سنج كان العديد من التجار العرب و الفارسيين يسافرون إلى كوانجو في إقليم كونجتنج ، و إلى شوان شو في مقاطعة فوجيان ، و مدينة ينك شن .
لقد ورد معلومات عن دخول الإسلام إلى سلطنة بروناي في كتاب ملاحظات حول أرخبيل ملايو و ملكة المجمعة من مصادر صينية ، مؤلف الكتاب هو وليم بيتر جرونفلت سنة 1880، ذكرت في صفحات الكتاب أن تاجرا و دبلوماسيا صينيا مسلما وصل إلى سلطنة بروناي في القرن العاشر ميلادي اسمه بو له شي ، استقبل ملك بروناي هيانج تا ذلك التاجر استقبالا تكلم فيه الجميع ، إذ أقيمت الأفراح و الليالي الملاح ، و قيل أن هذ القصة دليل على دخول الإسلام إلى سلطنة بروناي في عام 977 .
كما ذكر أن الرجل الصيني جلب معه بعض الهدايا و التحيات من إمبراطور الصين ، بالمقابل قام ملك بروناي بإرسال وفد إلى الصين ليرد التحية للإمبراطور الصيني ، و قد كان قائد الوفد شخصا مسلما يسمى بو علي .
بو علي أو أبو علي كان يشغل منصبا هاما في حكومة بروناي ، بالإضافة إلى أنه سفير بروناي في الصين .
متى أصبح الإسلام الدين الرسمي لسلطنة بروناي
بالرغم من أن سلطان سلطنة بروناي لم يكن مسلما لكن أفراد بلاطه الملكي أغلبهم من المسلمين .
و يرجح بعض المؤرخين الأوروبيين أن الإسلام أصبح دينا رسميا لسلطنة بروناي في القرن الخامس عشر ، لاقى هذا معارضة مستندة لبعض كتب التاريخ و منها ذاك المرجع الصيني منج شيه ، الذي ذكر أن ملك بروناي في سنة 1370 كان ماهوموسا و قد تمت مقاربة الاسم لمحمود شاه ، لكن هذا الرأي لم يلق قبولا عاما مما سبب في خلاف ، حُسم من قبل مدير متحف بروناي السابق السيد روبرت نيكول ، بين أن الاسم ماهوموسا يلفظ موكسا و يعني الخلود العظيم ، مما يدل على أنه اسما بوذيا .
قدم إلى سلطنة بروناي الشريف علي الذي يعود نسبه إلى الرسول (ص ) ، أخذ عهد على نفسه أن يتولى نشر الإسلام في بروناي ، بعد وصوله من الطائف تزوج من ابنة السلطان أحمد ، ثم قام بأعماله الموعودة من بناء مسجد في بروناي و مساندة دعاة الإسلام في المنطقة منهم مالك إبراهيم و الشريف زين العابدين والشريف أبو بكر و الشريف كيبنج سوان .
لقب الشريف علي بلقب سلطان البركة و أصبح سلطانا لبروناي بعد تسلم الحكم من والد زوجته .
تمكن الإسلام من الانتشار بقوة في بروناي في القرن السادس عشر ، إذ بنيت المساجد الكبيرة ذات الطوابق الخمسة كرمز لأركان الإسلام .
ضعفت بروناي في القرن التاسع عشر عندما خسرت معظم أراضيها للملوك البيض حكام سراوق ، و هذا سبب صغر مساحة بروناي و تقسيمها إلى منطقتين منفصلتين .
أصبحت بروناي محمية بريطانية سنة 1888 نالت حريتها في سنة 1984، كما احتلتها اليابان بين عامي 1941 و 1945 خلال الحرب العالمية الثانية .
قسمت بروناي إلى أربع أقاليم أساسية هي بيليت ، بروناي و موارا ، تيمبورونغ و توتونغ .
الجغرافيا في سلطنة بروناي
تبلغ مساحة بروناي دار السلام حوالي 5,766 كم2 ، إنها مقسمة إلى جزء شرقي و جزء جبلي جنوبي شرقي ، يقيم في الجزء الأول حوالي 77 ٪ من السكان ، بينما يعيش في الجزء الجبلي الجنوبي الشرقي حوالي 10,000 شخص ، يبلغ عدد سكان سلطنة بروناي 428,000 نسمة حسب إحصائيات عام 2010 .
يتركز أغلب السكان في المدن الرئيسية أهمها مدينة الميناء موارا و سيريا و قرية كوالا بيليت ، و من المواقع المشهورة في سلطنة بروناي هي حديقة جيرودونغ ، إنها اكتسبت شهرة عالمية كبيرة تقع في الغرب من بندر سري بكاوان .
المناخ
موقع البلاد جعلها ضمن نطاق مناخ الغابات الاستوائية المطيرة ، متوسط درجات الحرارة 27.1 درجة مئوية سنويا ، يبلغ متوسط درجات الحرارة في شهري نيسان و أيار 27.7 درجة مئوية ، بينما يبلغ متوسط درجات الحرارة في شهري تشرين الأول و كانون الأول 26.8 درجة مئوية .
إن المنطقة معرضة لهطول الأمطار بشكل كبير مما ساعد في نمو النباتات و نشاط الأعمال الزراعية .
مناخها لا يؤثر على السياحة ، إذ لا تعتبر من المناطق الباردة جدا فلا شيء يعوق السياحة في السلطنة .
اقتصاد سلطنة بروناي
اقتصاد سلطنة بروناي من أقوى و أغنى اقتصادات الدول المتنامية ، إنه يرتكز على داعمين أساسيين الأول يتمثل في المشاريع الأجنبية و المشاريع المحلية ، و الداعم الثاني لاقتصاد سلطنة بروناي هو تنظيم الحكومة و تدابير الرعاية الاجتماعية و التقاليد القروية .
كما يعتمد اقتصاد المنطقة على إنتاج النفط الخام و الغاز الطبيعي ، حيث يشكل مجموع إنتاجهما ما يقارب نصف الناتج المحلي الإجمالي ، و يوجد دخل كبير من الاستثمارات الخارجية التي تدعم الإنتاج المحلي .
حكومة بروناي توفر كافة الخدمات الطبية بشكل مجاني لشعبها ، كما تقدم إعانات الأرز و الإسكان .
يعمل الخبراء الاقتصاديون الحكوميون في سلطنة بروناي على وضع مشاريع مستقبلية من شأنها أن تساهم في تطوير القوى العاملة و الحد من مشكلة البطالة ، كما طالت تلك الخطط تعزيز القطاعين المصرفي و السياحي وتقديم كل ما يحتاجه السياح ، و تشير الخطط إلى إمكانية التساهل في إنشاء المطاعم و المقاهي و الفنادق و غيرها من المجالات الخدمية .
و لا يمكن أن ننسى القطاع الزراعي الداعم الكبير للاقتصاد الذي يطمح لتحقيق الاكتفاء الغذائي الذاتي ، و قد اكتسبت سلطنة بروناي شهرة عالمية في إنتاج الأرز نتيجة الاهتمام بهذه المادة الأساسية .
و في عام 2009 أطلقت سلطنة بروناي مخططا لاختيار علامة تجارية وطنية “بروناي حلال” ، حتى تصل منتجاتها إلى جميع أنحاء العالم و يرى الجميع جودتها الكبيرة ، أما كلمة حلال وضعت من أجل المسلمين ليضموا أن المنتج مضمون و خالي من المشتقات التي نهى عنها الدين الإسلامي .
إن العلامة التجارية لسلطنة بروناي هي أول علامة تجارية في العالم استخدمت كلمة حلال ، و هذا أمر يعتبر ثورة في عالم التجارة ، إذ أصبح للمسلمين منتجات موثوقة .
تم دعم مشروع بروناي حلال من خلال عدة شركات أخرى مثل شركة وفيرة القابضة و شركة بروناي الإسلامية العالمية للاستثمار.
السكان و اللغة في سلطنة بروناي
تعتبر لغة الملايو هي اللغة الرسمية لسلطنة بروناي ، مع وجود أقليات تتحدث اللغة الصينية .
تفرع عن لغة الملايو كيدايان أو بوكيت ملايو ، يتحدث بهذه اللغة حوالي ثلثي السكان ، إنها تختلف عن اللغة الأصلية بشكل واضح .
و من اللغات التي يتحدث بها السكان الأصليين إيبان و لغتين ثانيتين تسميان باسم توتونغ ، و لا تغيب اللغة الإنجليزية عن الساحة ، إذ يتحدث بها عدد لا بأس به علما أن سلطنة بروناي فيها عدد كبير من المغتربين من أصل بريطاني و استرالي .
معظم سكان بروناي يعتنقون الديانة الإسلامية ، إذ تمثل نسبتهم حوالي 78 % ، كما نجد مساحة لمعتنقي الديانة البوذية تبلغ نسبتهم 7 % ، و نفس النسبة لمن لا يدينون بأي دين ، بالإضافة إلى نسبة 8 % لمعتنقي الديانة المسيحية .
أما بالنسبة للأعراق المتواجدة في سلطنة بروناي فهي تمثل عرق ملايو بنسبة ( 66.3 % ) ، و العرق الصيني بنسبة ( 11.2 % ) ، بالإضافة إلى السكان الأصليين بنسبة ( 3.4 % ) ، و آخرين ممن تبلغ نسبتهم ( 20.1 % ) .
يبلغ عدد سكان سلطنة بروناي 433,285 نسمة حسب إحصائيات عام 2019 ، متوسّط العمر المتوقّع للسكان يبلغ 76.2 عاما .
السياحة في سلطنة بروناي
بروناي تلك المدينة الساحرة التي حبتها الطبيعة كل كنوزها ، يقصدها السياح من كل بقاع الأرض خاصة المسلمين منهم ، لقد تزينت هذه المدينة بالمساحات الخضراء التي تتناغم مع المياه الصافية ، و في ما يلي أبرز المعالم السياحية في سلطنة بروناي :
متحف التكنولوجيا
متحف يحتار في وصفه الناظرون إليه ، قام ببناء المتحف مجموعة شل الهولندية في فترة استقلال سلطنة بروناي عام 1984 ، و تم افتتاحه في عام 1988 .
يقع المتحف في كوتا باتو تلك المنطقة التي تقع في بروناي مورا ، حقق هذا المتحف شهرة سياحية كبيرة إذ يعتبر أول وجهة يقصدها السياح خلال زيارتهم لسلطنة بروناي .
يضم المتحف ثلاث قاعات ، محتوياتها عبارة عن حرف يدوية و صناعات منزلية و بعض الصور الإسلامية التقليدية .
مسجد السلطان عمر علي صفي الدين
إنه واحد من أهم المعالم السياحية في بروناي ، يعتبر رمزا لجميع المسلمين في آسيا ، تصميمه الفريد الذي يجمع ما بين فن العمارة الإسلامي و الإيطالي جعله مميزا حتى اعتبر واحدا من الأماكن السياحية في بروناي التي تستقبل أكبر عدد من السياح .
جامع عصر الحسن بلقيه
أكبر مسجد في سلطنة بروناي ، يضم 29 قبة ذهبية، و يطلق عليه اسما آخر و هو مسجد كيارونغ نسبة إلى المنطقة التي يقع بها المسجد .
قصر نور الإيمان
يقع هذا القصر جنوب عاصمة بروناي بندر سري بيغاوان ، إنه مكان إقامة سلطان بروناي ، و يعتبر أكبر قصر سكني في العالم ، لكنه لا يفتح أمام العامة سوى في موسم هاري رايا في بروناي ، و هو موسم الاحتفال الذي يسمح للناس بمقابلة السلطان و عائلته خلال تلك الفترة .
متحف بروناي
إنه أفضل مكان لعشاق الأماكن الأثرية ، حيث يضم المتحف معرضا للمدافع القديمة و الخناجر المستخدمة في عصور سابقة ، كما أنه يعرض يضم حطام السفن قبالة سواحل بروناي و ما ضمته من كنوز .
كامبونج آير (القرية المائية)
جمال هذه القرية أشبه بالخيال ، حتى أنها لقبت باسم “ فينيسيا الشرق ” ، تعتبر واحدة من أجمل الأماكن السياحية في بروناي ، بيوتها مبنية من الخشب تتربع على ركائز فوق نهر بروناي ، صحيح أنها تسمى قرية لكن لتكن على معرفة بالأمر أنها من أكبر قرى المياه في العالم .
سلطنة بروناي صدق من قام بتسميتها دار السلام ، لأنها دولة مستقلة آمنة تهدف إلى إثبات ذاتها و تحقيق النمو على كافة الأصعدة ، كما أنها لقبت باسم الذهب الأسود لأنها تشتهر بوفرة النفط فيها و المنتجات البترولية ، بهذا القدر من المعلومات نكون قد كوّنا فكرة عامة عن سلطنة بروناي الإسلامية .
اقرأ أيضاً:
المصادر و المراجع :