Table of Contents
سنقدم في هذا التقرير معلومات مثيرة عن مكتشف الدورة الدموية وعن حياته وإنجازاته وتأثيرها في تطور الطب على مر الزمان ، حيث يعتبر من أهم الإكتشافات الطبية.
هناك العديد من الاكتشافات التي خلدت في التاريخ , سنتحدث اليوم عن مكتشف الدورة الدموية .
يعرف ويليام هارفي(1578- 1657) بأنه الرجل الذي اكتشف ونشر أول وصف دقيق لجهاز الدورة الدموية البشرية, وذلك بناءً على سنواته العديدة من التجارب والملاحظات كعالم وطبيب.
كان هارفي قد جمع قدراً هائلاً من الأدلة التجريبية التي لا يمكن دحضها لدعم وجهة نظره الجديدة, مع العلم أنه تلقى قدراً هائلاً من النقد والتكذيب الذي تصاعد ضد نظريته الثورية الرائدة في فيزيولوجيا الدورة الدموية.
مكتشف الدورة الدموية
على الرغم من أن غالبية الأطباء والعلماء في عصره رفضوا قبول بحثه, إلا أن اكتشاف هارفي ووصفه الكتابي للوظيفة الحقيقية للقلب والدورة الدموية يبقى كواحد من الكتب المدرسية الطبية البارزة وأساس علم وظائف الأعضاء الحديث.
البدايات
كان معظم الأطباء والعلماء والفلاسفة في أوروبا في القرن السابع عشر من أتباع مذهب جالينوس, الذي احتوى على العديد من الأخطاء المهمة فيما يتعلق بحركة الدم وطريقة عمل القلب, كانت هذه في الواقع أفكار ومفاهيم قديمة جداً, وكانت لا تزال مقبولة حتى بعد أكثر من 1400 عام من افتراضها لأول مرة من قبل جالينوس الطبيب اليوناني في روما.
وبمرور الوقت أصبحت عقيدة جالينوس مقدسة, على الرغم من أن معظم معرفته التشريحية والدراسات الفيزيولوجية كانت مبنية على دراساته وتجاربه على القرود والخنازير, لأن تشريح أجساد البشر لم يكن مسموحاً به في ذاك الوقت.
أدرك جالينوس فائدة علم التشريح المقارن في اكتساب فهم عمل جسم الإنسان, ودرس طريقة عمل أجسام الحيوانات وهياكلها المختلفة بكل تفاصيلها وبدقة . حيث يعتقد جالينوس وأنصاره أن الدورة الدموية تبدأ في الأوعية الدموية في المعدة والأمعاء وثم تنتقل إلى الكبد, حيث يتم تطويرها بواسطة الكبد.
ثم يدخل هذا الدم الوريدي في الوريد الكبدي, الذي يعتقد بأنه أصل الوري الأجوف, ومن ثم ينقل الوريد الأجوف النازل الدم إلى الجزء السفلي من الجسم, بينما يرسل الفرع الصاعد الدم إلى الجزء العلوي من الجسم.
كان يعتقد بأن الدم عندما يدخل إلى الجانب الايمن من القلب, أنه يمر عبر المسام غير المرئية في الحاجز الذي يقسم القلب, ويدخل في البطين الأيسر, ويختلط بالهواء الذي يأتي من الرئتين عن طريق الأوردة الدموية, ومن ثم يتحول إلى الدم الشرياني.
كان جالينوس ينظر إلى القلب على أنه من النوع الذي يتمدد عندما يتم تسخين كمية صغيرة من الدم في البطين الأيسر بشكل كبير عن طريق إضافة أجسام حيوية, مما يجبر القلب على التمدد وسحب الدم إلى الداخل. وبطريقة مماثلة , كانت الشرايين تحمل هذا الدم المغلي بعيداً عن القلب إلى الجسم, لكن الدم لم يعد إلى القلب.
كان ينظر إلى الكبد على أنه المصدر المستمر للدم الجديد, حيث يجدد الدم الذي تم تبخيره وتحويله إلى نفايات, وتم بعد ذلك إطلاقه من الرئتين ,وكل ذلك وفقاً لعقيدة جالينوس.
ذات صلة :
هارفي وإنجازاته
كان هارفي الطبيب البارز في انكلترا , وربما في كل أوروبا. حيث أنه حصل على أفضل تعليم طبي حينها , وأصبح الطبيب الشخصي للملك تشارلز الأول . فقد شكك لفترة طويلة في دقة العديد من الحقائق التي اعتنقتها مهنة الطب.
أخيراً نشر هارفي نتائج بحثه وذلك في نصه المسمى ( حركة القلب والدم عند الحيوانات) عام 1628, قبل هارفي الأفكار التي تم دعمها بأدلة تجريبية متكررة واعتبرها كحقائق.
وكشف بشكل منهجي وبقوة عن المفاهيم القديمة الخاطئة حول القلب والدورة الدموية. حيث كانت طبيعته تعتمد على الإثبات بالأدلة والتجارب. فقال بأن نظام جالينوس للدورة الدموية غير مفهوم, مما يثبت بأن القلب عبارة عن عضلة مجوفة تتقلص بانتظام لتوفر القوة الوحيدة الدافعة لحركة الدم .
لقد كشف بصبر الجوانب الاخرى غير المقنعة وغير المقبولة لنظام جالينوس الخاطئ وذلك عن طريق استخدام تجارب جيدة التصميم في محاولة لتبديد الأكاذيب المختلفة.
كان هارفي قادراً على توضيح تصرفات القلب وغرفه وصماماته بشكل دقيق وكامل, بالإضافة إلى توضيح النمط الطويل الذي أسيء فهمه للدورة الرئوية. حيث استنتج هارفي أن الدم ينتقل من البطين الأيمن إلى الرئتين عبر الشريان الرئوي ( حيث كان يسمى الوريد الرئوي حيث اعتقد جالينوس أنه يحمل الهواء فقط ذهاباً وإياباً بين الرئتين والقلب ) .
صرح هارفي بشكل صحيح أن الدم عاد بعد ذلك إلى الجانب الأيسر من القلب عبر الأوردة الرئوية. كما قام أيضاً بتفصيل كامل لنظام الدورة الدموية المنتظم, متبعاً تدفق الدم عبر الشرايين التي تمر داخل الجسم, وعودة الدم إلى القلب عبر شبكة الاوردة.
كما أوضح أيضاً وببراعة عمل الصمامات في الأوردة, مما يثبت الدوران باتجاه واحد في الدم الوريدي باتجاه القلب. ودحض فكرة معلمه الجامعي جيرولامو فابريسي بأن الصمامات هي هياكل تقوية تمنع التوسع المفرط للأوردة حيث يتم دفع الدم من خلالها.
لم يستطع هارفي رؤية الشعيرات الدموية الموجودة في الأنسجة, ولم يكن لديه معرفة معينة عن وظيفة التمثيل الغذائي في الدم, لذلك لم يستطع تفسير حالة انتقال الدم انتقال الدم في الشرايين إلى الأوردة وعاد عن طريق الأوردة إلى القلب.
لكنه توقع وجود ارتباط بين الشرايين والأوردة وإمكانية توفير الدم للتغذية أو بعض الوظائف الأخرى. حيث أن هذه الهياكل التي تحمل الدم كانت صغيرة جداً بحيث لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة, لكن هارفي كان متأكداً من أنه سيتم اكتشافها لاحقاً ( وذلك في القرن السابع عشر ) حيث ان مارسيلو ومالبيجي استخدما المجهر المحسن لوصف وجود الشعيرات الدموية وخلايا الدم.
ذات صلة :
تأثير هارفي مكتشف الدورة الدموية
عمل هارفي طويلاً وبجد لخلق ما أصبح نقطة بداية لعلم وظائف الأعضاء الحديث للثدييات , فكان بحثه مثيراً للإعجاب وذلك باعتباره المعلم الأول في العلوم التجريبية الحديثة.
وقد تعرض هارفي للهجوم والسخرية من المجتمع الطبي , واتهامات من الكنيسة والسلطة القانونية, ولكنه استمر في بحثه. وحافظ بثبات على نفسه وقناعاته .
ودعا هارفي بصفته أستاذاً وطبيباً إلى استخدام التقنيات المقارنة لدراسة علم التشريح وعلم وظائف الأعضاء , والتعرف على مزايا وإمكانية استخدام الحيوانات للدراسة, حيث عمل مع ( الأسماك, والبرمائيات, والزواحف, والطيور, والثدييات والبشر) وقام بالتجربة والمقارنة وبنى نظريته بشكل منهجي وبعناية كبيرة.
طوال حياته المهنية شدد هارفي على الطريقة التجريبية للبحث العلمي , وتجنب وجود أي أفكار مسبقة حول تجاربه, وبدلاً من ذلك جمع أدلته, وحلل البيانات, ثم ابتكر فرضية علمية جديدة حول الدورة الدموية.
كان هارفي متواضعاً وكريماً كشخص وفي عمله, وكان صبوراً ومتفهماً عند التعامل مع منتقديه ومعاصريه الذين شككوا بنظريته, فكان من حين لآخر يجيب عليهم برسالة مباشرة او مطبوعة تتضمن الأدلة التجريبية التي تؤكد استنتاجاته , ومع ذلك فإن الاعتراف بالحقائق التي أضاءها لم يأت في حياته, حيث أن القبول بها جاء في وقت لاحق,(بعد وفاته) عندما طور العلماء أدوات جديدة لفهم العلم الحديث.
في النهاية يعتبر هارفي مؤسس علم وظائف الأعضاء وبطل العلوم التجريبية الحديثة.
ذات صلة :
المراجع :