Table of Contents
دول شرق اسيا هو مصطلح يطلق على الدول التي تقع في الجزء الشرقي من قارة آسيا .
و تقدر مساحة تلك الدول ١٢ مليون كيلو متر مربع ، أي ما يعادل ٢٨ % من مساحة قارة آسيا .
دول شرق آسيا ثمان و تشمل الصين ، هونغ كونغ ، اليابان، ماكاو ، منغوليا ، كوريا الشمالية ، كوريا الجنوبية و تايوان .
تعاني المنطقة بشكل عام من اضطرابات سياسية ، نجدها واضحة في كوريا و تايوان ، أما ماكاو و هونغ كونغ فإنهما تتمتعان بالحكم الذاتي ، لكنهما تخضعان للسيادة الصينية .
حضارات دول شرق آسيا و تحديدا الصينية منها تعتبر من أوائل الحضارات على مستوى العالم ، كما نجد في وقتنا الحالي حضارات شرق آسيوية ما زالت قائمة حتى الآن ، كالحضارة اليابانية ، الكورية و المنغولية .
و يوجد حضارات أخرى في المنطقة لكن تم دمجها مع حضارات الدول المجاورة الأقوى نفوذا .
ومن تلك الحضارات التي لم تأخذ حقها حضارة التبت ، منشوريا و ريوكيو ، لكن يمكن القول بشكل عام أن الحضارة الصينية تحتل الصدارة بين حضارات دول شرق آسيا .
دول شرق اسيا
عدد السكان في دول شرق آسيا يبلغ حوالي 1.7 مليار نسمة ، أي أنهم يشكلون ما يقارب 38 ٪ من سكان قارة آسيا ، و 22٪ من سكان العالم .
تضم منطقة شرق آسيا ثمان دول كما وضحنا سابقا ، حتى اعتبرت المنطقة موطن لأكبر العواصم العالمية مثل بكين ، هونغ كونغ، سول ، شنغهاي، تايبيه ، و طوكيو .
نلاحظ هيمنة الصين و اليابان نظرا لقوة نفوذهما و اتساع مساحتهما .
تقدر الكثافة السكانية في دول شرق آسيا 133 نسمة لكل كيلو متر مربع (340 / ميل مربع) ، أي ما يقارب ثلاثة أضعاف المتوسط العالمي الذي يبلغ 45 / كم 2 (120 / ميل مربع .
عندما نذكر دول شرق آسيا سرعان ما تقفز أذهاننا إلى الصين الكبرى ، اليابان ، و كوريا ، لأن هذه الدول اكتسبت شهرة عالمية أكثر من غيرها ، كما تعتبر دولا محورية أساسية .
تشترك هذه الدول الثلاث في نظام الكتابة و الثقافة ، بالإضافة إلى تقاسم المبادئ و الأفكار الفلسفية و نظام القيم المجتمعية الكونفوشيوسية .
بشكل عام إن قرب تلك الدول من بعضها و تشاركها في الحدود جعلها تتشارك في البعد التاريخي و الثقافي و العلمي و حتى الاقتصادي من صناعة و تجارة .
دول شرق آسيا مكتظة بالسكان و قد ذكرنا أن عدد القاطنين فيها يزيد عن 1.7 مليار نسمة ، مما يعني أنها أكثر منطقة مكتظة بالسكان في العالم .
الدول ثمان كما أسلفنا سابقا ، سوف نلقي نظرة على كل منها :
دول شرق اسيا: الصين
واحدة من أقوى دول العالم ، تتمتع الصين بسيادةٍ ذاتية، و لديها أكبر عدد سكان في العالم ، إذ يبلغ عدد سكانها أكثر من 1.35 مليار نسمة .
تبلغ مساحة الصين 9.6 مليون كيلو مترٍ مربع ، إنها دولة عظمى أثرت على دول شرق آسيا بشكل كبير ، إنها مَهد للحضارات القديمة .
حدود الصين هي الأطول في العالم ، حيث يبلغ طول حدودها 22.117 كيلو متراً مع 14 دولة .
تتموضع البلاد على خط الاستواء بين دائرتي عرض 18 درجة و 54 درجة باتجاه الشمال، وخطي طول 73 درجة و135 درجة باتجاه الشرق .
اقتصاد الصين يصنف في المرتبة الثانية عالميا ، نجد تنافسا قويا بين اليابان و الصين لكن الصين استطعت وضع اليابان خلفها في عام 2010 ، بناتج محلي يبلغ 4.91 تريليون دولار .
اقتصاد الصين سريع و متنامي نجد ذلك جليا في السنوات الثلاثين الماضية ، بمعدل نمو سنوي يتخطى ال 10 % .
يبلغ نصيب الفرد من الناتج المحلي في الصين ما يعادل 3180 دولار ، مما جعل الصين تصنف ضمن الفئة المتوسطة الدنيا حسب نصيب الفرد من الناتج المحلي ، حيث أنها تصنف في المرتبة 97 من أصل 178 دولة حسب نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي .
في الواقع تعتبر الصين أكبر دولة تجارية لقد فرضت هيمنتها على السوق التجاري العالمي ، إذ تعتبر أكبر مصدر و ثاني أكبر مستورد في العالم ، بالرغم من تأثير فيروس كورونا على الوضع العام فيها .
هونج كونج
هي دولةٌ تتمتع بحكم ذاتي ، تقع على الساحل الجنوبي للصين عند مَصب نهر اللؤلؤ وبحر الصين الجنوبي .
تبلغ مساحة هونج كونج الإجمالية 1104 كيلو متر مربّع .
يقدر عدد سكانها حوالي 7.2 مليون نسمة ، علما أن المجتمع المحلي فيها يتميز بالتعدد العرقي .
يحدها من الشمال مُقاطعة قوانغدونغ الصينية .
دول شرق اسيا: اليابان
تقع في المحيط الهادئ إلى الجزء الشرقي من بحر اليابان ، تَمتد من بحر أوخوتسك في الشمال إلى بحر الصين الشرقي وتايوان في الجنوب .
تتكوّن اليابان من 6852 جزيرة ، يقطن فيها ما يزيد عن 126 مليون نسمة .
تقدر مساحة اليابان الإجمالية أكثر من 377.944 كيلو متر مربع ، و تنحصر بين دائرتي عرض 24 درجة و 446 درجة شمالا .
و بين خطي طول 122 درجة و146 درجة باتجاه الشرق .
من منا لم يسمع عن المنتجات اليابانية المشهورة بجودتها العالية ؟!!
تعتبر اليابان من الدول المتصدرة في عالم الصناعة ، و قد احتلت المرتبة الثالثة عالميا من حيث الناتج المحلي .
هناك العديد من العلامات التجارية اليابانية المشهورة عالميا ، أبرزها تويوتا، سوني ، فوجي فيلم و غيرها العديد .
تعتمد اليابان بشكل كبير على الصناعات الثقيلة ، التي تعمل على تحويل المواد الأولية المستوردة إلى آلات و منتجات مختلفة .
اليابان تعتبر أول منتج للحديد و الصلب على مستوى العالم ، و تحتل المرتبة الثالثة من حيث تكرير البترول .
اليابان هي أول منتج للسيارات ، ليس هذا فحسب بل إنها تنتج ما يقارب 40 % من الإنتاج العالمي للسفن .
أما من حيث التجارة فإن اليابان تعتبر ثالث قوة تجارية في العالم ، تعتمد اليابان في تجارتها على تصدير المواد المصنعة إلى مختلف أنحاء العالم ، و وضعت قيودا جمركية على المواد المصنعة الأجنبية .
ليس من المنطقي أن نذكر اليابان دون ذكر الإنسان الآلي ، الذي حقق ثورة حقيقية في عالم التكنولوجيا .
تخيل أن تدخل لإحدى المحلات التجارية فتجد أن من يبيعك هو روبورت آلي .. إنها قمة التطور و التكنولوجيا .
تعمل اليابان لجعل التكنولوجيا في خدمة الإنسان إلى أكبر حد ممكن ، و إن فكرة الروبورت تعتبر أحد أهم المجالات التي تبشر بنمو اقتصادي كبير في المستقبل .
ماكاو
ربما لم تسمع سابقا بهذه الدولة ، كونها تتبع إدارياً للصين ، وتوجد في الجانب الغربي من دلتا نهر اللؤلؤ .
تبلغ مساحة ماكاو 30.3 كيلو مترٍ مربع ، يقدر عدد سكانها 636.200 نسمة .
منغوليا
تبلغ مساحة منغوليا الإجمالية 1.566000 كيلو متر مربع .
تحدها من جهة الشمال روسيا، والصين من الجهات الثلاثة المتبقية .
دول شرق اسيا: كوريا الشمالية
تحتل الجزء الشمالي من شبهِ الجزيرة الكورية، تأسّستْ في عام 1910م .
تتنافس كوريا الشمالية و الجنوبية بشكل كبير ، و تحاول كل واحدة منهما إثبات جدارتها في مختلف المجالات .
لكن نظام الحكم كوريا الشمالية صارم جدا مما جعل سكانها يتقيدون بالقوانين بشكل شبه مطلق .
كوريا الجنوبية
تحتل الجزء الجنوبي من شبه الجزيرة الكورية، يبلغ عدد سكانها ما يزيد عن 25 مليون نسمة.
تايوان
إدارياً تعتبر تايوان تابعة للصين، حيث تقع على البر الصيني الرئيسي ، و تَتكوّن من عدة جزر صّغيرة .
دول موضع خلاف من حيث الانتماء لدول شرق آسيا
يوجد العديد من الدول التي اختلف عليها الخبراء في تصنيفها ضمن دول شرق آسيا ، مثل فيتنام ، منغوليا و
، تركستان الشرقية و غيرها العديد .
بعض خبراء الجغرافية يشملون فيتنام كمنطقة من دول شرق آسيا ، كونها تحمل إرثا صينيا في تاريخها .
لكن الحق يقال ، صحيح أن الثقافة الفيتنامية تأثرت بشكل كبير بالكونفوشيوسية لكنها في الواقع لم تستخدم الأحرف الصينية في اللغة المكتوبة الخاصة بها .
مما جعل هذا الأمر موقف تعارض عند الخبراء ، إذ يقول العديد منهم أن فيتنام تصنف كدولة في جنوب شرق آسيا .
و إن كنت تتساءل عن غياب منغوليا في تصنيف دول شرق آسيا ، فالحقيقة يا عزيزي تقول أن تأثير المجتمع الصيني على نظيره المنغولي كان محدودا ، بالرغم من القرب الجغرافي كون منغوليا تقع شمال البر الرئيسي للصين ، مما جعل منغوليا تصنف ضمن دول آسيا الوسطى .
كما و قع الاختلاف على دولة سنغافورة ، بالرغم من أنها تعد جزءا من جنوب شرق آسيا لكن البعض أكد على ضرورة تصنيفها ضمن دول شرق آسيا .
حجتهم في ذلك هي أن الصينيين يشكلون غالبية سكان البلاد ، بالإضافة إلى ارتباط اقتصاد سنغافورة مع اقتصاد بعض دول شرق آسيا بشكل كبير .
كما يوجد في روسيا منطقة الشرق الأقصى الفيدرالية و التي وقعت موضع خلاف أيضا ، إذ تم وصفها أنها من ضمن شمال آسيا بسبب موقعها في شمال القارة ، لكن من ناحية أخرى إنها ترتبط ارتباطا كبيرا مع جيرانها من دول شرق آسيا .
لمحة عن تاريخ دول شرق آسيا
الحضارة الصينية عريقة ، حيث تمتد جذورها منذ حوالي 1500 عام ، إنها أول و أقدم حضارة في الشرق الآسيوي ، و قد أثرت هذه الحضارة العريقة على مناطق عدة في شرق آسيا ، و كان هذا التأثير في مختلف المجالات ، ثقافيا و اقتصاديا و سياسيا وعسكريا .
كانت الصين القوة الإقليمية في شرق آسيا في فترة حكم الإمبراطور وو من هان ، حيث فرضت قوتها الإمبريالية على الدول المجاورة .
ضمت الصين عددا كبيرا من السكان ، و لم تكمن القوة في عددهم فحسب ، بل إن نوعية السكان هي من نهضت بالصين ، إذ يتسلحون بالعلم والمعرفة ومواكبة الحضارة .
هذا ما جعل من الصين قوة عظمى لها أهميتها الكبيرة بين دول شرق آسيا .
إن نجاح الصين العظيم أثر على الدول المجاورة ، حيث تأثرت معظم دول شرق آسيا بالثقافة الصينية .
لقد ظهر تأثير الصين على كوريا في عام 108 قبل الميلاد ، خلال فترة التوسع الشمالي الشرقي لسلالة هان .
و ذلك عندما أعدّ الصينيون حملات كبيرة لغزو الجزء الشمالي من شبه الجزيرة الكورية وقاموا بإنشاء مقاطعة تسمى ليلانغ .
و نلاحظ التأثير الصيني في كوريا في أوضح حالاته من خلال نظام الكتابة الكوري الذي يشبه نظيره الصيني إلى حد كبير .
القرن الرابع الميلادي
وفي من القرن الرابع الميلادي قامت اليابان باتخاذ خطوة جريئة ، تمثلت في اعتماد نظام الكتابة الصيني الذي تطور إلى كانجي بحلول القرن الخامس الميلادي .
لكن مرّت فوق الصين غيمةٌ سوداء تمثلت في تعزيز العلاقات بين دول شرق آسيا و أوروبا الغربية خلال أواخر القرن التاسع عشر ، حيث تراجعت قوة الصين وتأثيرها بشكل ملحوظ .
كما أن الحكام السياسيين كان لهم دور كبير في تراجع القوة الصينية ، فإن سلالة كينغ كانت تعاني من الضعف بسبب الفساد الذي كان كالسوس ينخر عظام الدولة في منتصف القرن التاسع عشر .
هذا التراجع شمل مجالات عديدة و أضعف موقف الصين أمام القوى الاستعمارية الأوروبية الأخرى التي أصبحت قوى صناعية حكمت المنطقة .
في هذه الفترة لمع تاج اليابان ، التي عملت على تقوية نفسها و التحول من دولة ساموراي إقطاعية معزولة إلى دولة صناعية عظيمة ، علما أنها أول دولة تحقق هذا النجاح الصناعي الباهر بين دول شرق آسيا في العصر الحديث .
و بذلك تغيّر ميزان القوى العالمي في أوائل القرن العشرين ، و فرضت اليابان وجودها كدولة عظمى بين دول شرق آسيا .
تحولت أنظار القوى الاستعمارية الأوروبية من الصين إلى اليابان ، و دخلت في تحدٍ قوي مع تلك القوى ، لكن اليابان لديها من القوة ما يكفي لتثبت جدارتها السياسية و العسكرية .
حتى أنها هزمت سلالة كينغ خلال الحرب الصينية اليابانية الأولى ، كما انتصرت على روسيا في عام 1905 ، و كان لهذا الحدث أثر كبير ، كونه يعتبر أول هزيمة لقوى أوروبية على يد قوى شرق آسيوية في العصر الحديث .
الحرب العالمية الثانية
خلال الحرب العالمية الثانية عملت اليابان على فرض سيطرتها على العديد من الدول المجاورة ، لتأكيد نفسها كقوة استعمارية بحرية في شرق آسيا .
و من الدول التي جعلتها تحت جناح السيطرة كوريا ، تايوان ، منشوريا ، هونغ كونغ ، و جزء كبير من شرق الصين .
و بعد قرن من ظلم الاحتلال الأوروبي و الياباني ظهرت كوريا بحلة جديدة ، حيث ليست ثوب الاستقلال لكن التقسيم كان ثمن ذلك ، حيث قسمت كوريا إلى دولتين بينهما تنافس كبير .
ثم أصبحت تايوان إقليما رئيسيا لجمهورية الصين ،
تم ذلك بعد خسارة القوميين البر الرئيسي للصين لصالح جمهورية الصين الشعبية (الشيوعيون)، في الحرب الأهلية الصينية.
لقد شهدت دول شرق آسيا معجزة اقتصادية صنعتها اليابان في النصف الثاني من القرن العشرين ، حيث قامت بإبرام ثلاثة عقود اقتصادية كبيرة قادتها لنمو وازدهار اقتصادي عظيم .
لكن في الحقيقة في وقتنا الحالي تعاني دول شرق آسيا من بعض الاضطرابات ، بسبب البرنامج النووي لكوريا الشمالية .
نستخلص مما سبق ذكره أن دول شرق آسيا تتمتع بما يكفي من القوة ، حتى أنها تحتل المراتب الأولى عالميا في مجالات متعددة .
دول شرق آسيا قوة لا يستهان بها ، فلا تجد مجالا يخلو من ذكر دولة من دول شرق آسيا ، بالرغم من تأثير الصين على الدول المجاورة إلا أن كل دولة لها خصوصيتها التي تتسم بها .
من المتوقع زيادة نفوذ دول شرق آسيا بشكل أكبر حتى أنها تنافس القوة الأوروبية العظيمة في الأسواق العالمية .
المصادر و المراجع :