Table of Contents
اقتصاد كوبا مر بالكثير من الأزمات لكنه بدأ بالتعافي منذ عام 2017 م . يقوم اقتصاد كوبا على الشركات التي تديرها الدولة . و إن الحكومة تضع يدها على معظم الصناعات و توظف أعدادا كبيرة من القوى العاملة مما ينتج عنه اقتصادا قويا مع توفير فرص عمل للكثيرين .
بعد سقوط الاتحاد السوفيتي في عام 1991 م . الحكم الحزب الشيوعي الكوبي شجع تشكيل تعاونيات العمال و العمل الحر . و قد تم منح المزيد من حقوق الملكية الخاصة والسوق الحرة من قبل دستور 2019 م . وبلغت نسبة التوظيف في القطاع العام 76 ٪ . نسبة التوظيف في القطاع الخاص 23 ٪ . بشكل عام يمكن القول أن الاستثمار مقيد و يتطلب موافقة الحكومة التي تحدد معظم الأسعار و السلع التموينية للمواطنين .
لقد احتل اقتصاد كوبا المرتبة 68 من أصل 182 دولة في عام 2016 . كما احتلت المرتبة 95 من حيث الناتج المحلي الإجمالي للفرد الواحد .
اقتصاد كوبا
شكل الدين العام للبلاد 35.3 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي اعتبارا من عام 2012 . و قد كان التضخم (CDP) 5.5 ٪ . مع نمو الناتج المحلي الإجمالي
الإجمالي بنسبة 3 ٪ . يتلقى الكوبيون التعليم والرعاية الصحية و الدعم الغذائي المدعوم من الحكومة .
و قد حققت البلاد توزيعا أكثر عدالة للدخل بعد الثورة الكوبية 1953-1959 . كان الاقتصاد الكوبي يرتكز على الإعانات المقدمة من الاتحاد السوفيتي بشكل واضح . و التي بلغت قيمتها الإجمالية 65 مليار دولار من 1960 إلى 1990 م . بمتوسط 2.17 مليار دولار في السنة .
هذا يمثل ما بين 10 ٪ و 40 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الكوبي السنوي . و إن هذه الإعانات السوفيتية مكنت كوبا من وضع ميزانية الدولة الهائلة . لكنها في الوقت نفسه لم تسمح بتكوين اقتصاد كوبا المستدام و المتطور . لم يتغير الهيكل الاقتصادي الأساسي لكوبا في السنوات البعيدة .
حيث كان اقتصاد كوبا يعتمد بشكل كبير على منتجات التبغ . و التي تعتبر المنتجات الوحيدة التي تدعم اقتصاد كوبا . و تدخل من ضمن الصادرات الكوبية الرائدة . لقد بقي اقتصاد كوبا ساكنا و لم يتطور . لأنه اعتمد بشكل أساسي على عدد قليل من السلع المدعومة للغاية التي تقدمها دول الكتلة السوفيتية .
و بعد انهيار الاتحاد السوفيتي ، انخفض الناتج المحلي الإجمالي لكوبا بنسبة 33 ٪ بين عامي 1990 و 1993 . سبب هذا الانخفاض هو فقدان الإعانات . لم ينتعش اقتصاد كوبا حتى أوائل العقد الأول من القرن العشرين . لأنه تحرر من جموده كما قدمت له فنزويلا بعض الإعانات . و من ضمن هذه الإعانات النفط ذو السعر المنخفض . و غيره من الإعانات التي وصلت نسبتها ما يقارب 12 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الكوبي سنويا .
تاريخ اقتصاد كوبا
سوف نفصل الحديث عن اقتصاد كوبا . و يمكن تقسيمه إلى فترات و هي :
فترة ما قبل الثورة
كوبا من الدول القوية من حيث الدخل المرتفع في أمريكا اللاتينية . و قد صنفت كذلك منذ سبعينيات القرن التاسع عشر . لقد شهد اقتصاد كوبا نموا سريعا في الجزء الأول من القرن التاسع عشر .
احتلت كوبا المرتبة الخامسة قبل الثورة الكوبية من حيث دخل الفرد . والمرتبة الثالثة في متوسط العمر المتوقع . والثانية في ملكية الفرد للسيارات والهواتف . و الأولى في عدد أجهزة التلفزيون لكل فرد .
إن موقعها بالقرب من الولايات المتحدة جعلها وجهة رئيسية للأمريكيين الأغنياء لقضاء العطلات . و إن أغلب زياراتهم للمقامرة وسباق الخيل ولعب الجولف . مما جعل القطاع السياحي يسهم بشكل واضح في اقتصاد كوبا .
عانى سكان كوبا من الفقر الشديد و البطالة المتفاقمة في المجتمع . سيطرت الشركات الأمريكية على البنوك و النظام المالي بأكمله في كوبا . كما سيطرت على إنتاج الطاقة الكهربائية و معظم الصناعات . حيث امتلكت الاحتكارات الأمريكية 25 ٪ من أفضل المناطق في كوبا .
لقد استغلت ما يقارب 80 % من الأراضي الزراعية . لزراعة قصب السكر و تربية المواشي . إن الفقر أثر على مختلف مجالات الحياة في كوبا في خمسينيات القرن الماضي . حيث حرم الكثير من الأطفال من حق التعليم . أغلب المنازل لم يكن فيها كهرباء . ناهيك عن نقص المياه خاصة في الريف .
إذ كانت نسبة من لديهم مياه في الأرياف لا تتعدى 15 % . مما دفع الكثيرين للهرب من هذه الظروف القاسية و الهجرة إلى هافانا .
فترة الثورة و تأثيرها على اقتصاد كوبا
بعد ثورة عام 1959 م لم يُطلب من المواطنين دفع ضريبة الدخل . كما قامت الحكومة بتقديم الرعاية الصحية و التعليم لجميع المواطنين . أي أنها ثورة حقيقية غيرت المجتمع بأكمله .
في عام 1970 حاول فيدل كاسترو تشجيع سكان كوبا على جني 10 ملايين طن من السكر . و الهدف من ذلك هو زيادة الصادرات لتنمية الاقتصاد . لقد استجاب الكوبيون لهذا التشجيع لكن لم يتمكنوا من إنتاج اكثر من 7.56 مليون طن من السكر .
تولى كاسترو مسؤولية الفشل ، ولام وزير صناعة السكر .
خلال فترة الثورة الكوبية ، كانت كوبا واحدة من الدول النامية القليلة التي قامت بتقديم مساعدات إلى دول أخرى .
و في عام 1986 كانت الطامة الكبرى . حيث تخلفت كوبا عن سداد ديونها البالغة 10.9 مليار دولار لنادي باريس . و في عام 1987 ، توقفت كوبا عن سداد هذا الدين . و في عام 2002 كانت كوبا قد تخلفت عن سداد 750 مليون دولار من القروض اليابانية .
لقد أثر ذلك على اقتصاد كوبا بشكل كبير حيث انخفض إجمالي الناتج المحلي بنسبة 35 ٪ بين عامي 1989 و 1993 . بسبب خسارة 80 ٪ من شركائها التجاريين و الإعانات السوفييتية لكن في ما بعد تطورت العلاقات الكوبية الفنزويلية حتى صارت فنزويلا أكبر داعم وحليف لكوبا .
في هذه الفترة انتشرت المجاعة في كوبا . وقد حلل الخبراء سبب هذه المجاعة . فوجدوا أنها تعود لأسباب سياسية واقتصادية مشابهة لتلك التي تسببت في المجاعة في كوريا الشمالية في منتصف التسعينيات .
تم ربط هذا التشابه بين البلدين من كونهما يخضعان لقوى استبدادية استعبدت الناس . لقد سعت الحكومة الكوبية جاهدة للقيام بعدة إصلاحات للتخفيف من حدة الأزمة للاقتصادية ، تجلى ذلك في إعطاء حوافز عمل و تخفيف النقص الحاد في الغذاء ، بضائع المستهلكين و الخدمات .
كما أنها شجعت على السياحة و سمحت للمستثمرين الأجانب بالعمل الحر في كوبا . لدعم اقتصادها و توفير فرص عمل للسكان . كانت نتيجة كل ذلك نمو اقتصاد كوبا بشكل ضعيف و جزئي .
تعافي اقتصاد كوبا
ساهم القطاع السياحي في دعم اقتصاد كوبا . حيث بدأ النمو في عام 1999 بزيادة قدرها 6.2 ٪ في الناتج المحلي الإجمالي . ثم انتعش النمو ، حيث بلغ نمو الناتج المحلي الإجمالي 11.8٪ في عام 2005 حسب إحصائيات الحكومة . و في عام 2007 نما الاقتصاد الكوبي بنسبة 7.5 ٪ .
كل سنة تجري الأمم المتحدة استفتاء لبيان أحقيتها في استمرار الحظر الاقتصادي على كوبا . و قد امتنعت الولايات المتحدة عن التصويت في عام 2016 . فقد كان لها باعا طويلا في الوقوف ضد كوبا و التصويت بعدم رفع الحظر منذ عام 1992 .
إصلاحات ما بعد فيدل
تم وضع إصلاحات اقتصادية جديدة بشكل جدي في عام 2011 . مما أسفر عن نشوء الاقتصاد الكوبي الجديد ” . و من ضمن هذه الإصلاحات تخفيف العبء الحكومي عن العديد من المهن منذ عام 2012 . حيث تم إدراج 181 وظيفة رسمية لم تعد تحت سيطرة الحكومة . لكن أبقت سيطرتها على بعض القطاعات الأساسية لضمان توزيعها بشكل عادل على السكان . كما ركزت على القطاع التعليمي و الرعاية الصحية .
حققت تلك الإصلاحات اختلافا واضحا في اقتصاد كوبا . إذ تحسنت أحوال الكثيرين و بدأ الفقر بالتلاشي شيئا فشيئا . لكن رغم ذلك ما زالت الأجور الشهرية أقل من 20 دولارا .
وجدت حكومة كوبا أن النظام المتبع المبني على التشابه مع النظام السوفييتي لم يجدِ نفعا . لهذا السبب فضلت النظام التعاوني .
و من الإصلاحات المتبعة أيضا ما يلي :
- الاهتمام بالتعليم و الرعاية الصحية بشكل كبير .
- تغيير في هيكل التوظيف .
- تصديق 201 رخصة تجارية شخصية في مجالات متنوعة .
- تأجير أراضي ولاية فالو للمستثمرين .
- حوافز للتوظيف غير الحكومي .
- مقترحات لإنشاء تعاونيات غير زراعية .
- تقنين البيع و الملكية الخاصة للمنازل و السيارات .
- استقلالية أكبر لشركات الدولة .
- العمل على الاكتفاء الذاتي من الغذاء .
- مساعدة السكان الأشد فقرا .
- تأجير المؤسسات التي تديرها الدولة لأصحاب الأعمال الحرة .
- تحرير بعض الأعمال من سيطرة الحكومة المباشرة .
- تحديث السياسة الضريبية .
- تسهيل قيود السفر للكوبيين .
- إعادة هيكلة الديون الخارجية .
نشرت صحيفة غرانما الكوبية الحكومية في تشرين الثاني من عام 2019 مقالاً تقر فيه بأنه على الرغم من سوء العلاقات بين الحكومتين الكوبية والأمريكية ، فإن كوبا تعمل على النهوض بقوة . إذ سعت الحكومة الكوبية لجذب الاستثمار الأجنبي في عام 2018 . مما زاد من عدد المشاريع الدولية في كوبا .
مفاوضات الديون الدولية
بعد معاناة كوبا من ثقل الديون التي تقدر بالمليارات حاولت إعادة هيكلتها . و طالبت بالإعفاء عنها . و أول مجيب لها كانت الصين . حيث تنازلت عن 6 مليارات دولار في عام 2011 .
تبعتها المكسيك التي تنازلت عن 70 % من قيمة القروض الممنوحة لكوبا . كان ذلك في عام 2013 . علما أن قيمة القروض المستدانة من المكسيك ما يقارب 487 مليون دولار . مع إمكانية دفع المبلغ المتبقي على أقساط لمدة عشر سنوات .
و في عام 2014 تنازلت روسيا عن أكثر من 90 ٪ من حقها بالنسبة للديون الممنوحة لكوبا .
من المتوقع أن تقوم كوبا بسداد ديونها بشكل كامل مع حلول عام 2033 م . و سيتم إلغاء الفائدة للفترة 2015-2020 . بعد هذه الفترة تقدر الفوائد بنسبة 1.5 % من إجمالي الديون المستحقة .
لم يتعاف الاقتصاد الكوبي بشكل كامل بل بقي يعاني من بعض التخبطات . فقد طلب نائب رئيس الوزراء الكوبي في شهر أيار من العام الماضي ( 2020) تعليق الدفع لعامي 2020 و 2021 والعودة إلى الدفع في عام 2022 .
القطاعات المساهمة في اقتصاد كوبا
إنتاج الطاقة
لقد تم إنتاج 96 ٪ من الكهرباء من الوقود الأحفوري في عام 2011 م . حيث تم إدخال الألواح الشمسية في بعض المناطق الريفية للحد من انقطاع التيار الكهربائي و استخدام الكيروسين . و في عام 2012 تم التنقيب عن البترول البحري في خليج المكسيك . لكن النتائج لم تكن مرضية بشكل كافٍ .
كما اشتهرت كوبا بإنتاج النفط . حيث بلغت تقديرات عامي 2007 و 2008 بإنتاج الدولة 62.100 برميل في اليوم الواحد من النفط .
كما أنتجت كوبا غازا طبيعيا و استهلكت ما يقدر بـ 1189 مليون متر مكعب في عام 2017 م .
قامت كوبا بالاهتمام بقطاع الطاقة في عام 2006 . لتحسين الوضع الاجتماعي و الاقتصادي في البلاد .
الزراعة
يعتمد القطاع الزراعي في كوبا على قصب السكر ، التبغ ، الحمضيات ، البن ، الأرز ، البطاطس ، الفول و الماشية .
الصناعة
شكل الإنتاج الصناعي ما يقارب 37 ٪ من الناتج المحلي الإجمالي الكوبي . أي ما يعادل 6.9 مليار دولار . في عام 2003 نشطت صناعة الأدوية و التكنولوجيا الحيوية في كوبا . و خاصة اللقاحات حيث أصبحت كوريا مصدرا لللقاحات ضد الأمراض الفيروسية و البكتيرية .
القطاع السياحي
في منتصف التسعينيات نشطت الحركة السياحية في كوبا بشكل واضح . و أصبحت مصدرا أساسيا للنقد الأجنبي . مما جعلها تهتم أكثر بتأهيل المرافق التي تخدم السياح .
البيع بالتجزئة
يعتبر هذا القطاع من أضعف القطاعات المساهمة في اقتصاد كوبا . فقد تم تشغيل عدد قليل من مراكز التسوق الكبيرة في هافانا منذ عام 2012 . لكن على أية حال يمكن اعتباره قطاعا داعما للاقتصاد الكوبي .
القطاع المالي
إنه من اكثر القطاعات المنظمة في الاقتصاد الكوبي . و قد ارتبطت ريادة الاعمال في كوبا بضحالة السوق المالية المعيقة .
الاستثمار الأجنبي والتجارة
أكبر قيمة من الصادرات الكوبية من نصيب هولندا . حيث تبلغ حصتها ما يقارب 24 ٪ . و تعتبر فنزويلا شريكا تجاريا داعما لكوبا ثم تليها كندا .
تعتمد كوبا على عملتين رسميتين تسمى كلاهما بيزو . لكن يتم التفريق بينهما من خلال تسمية الأولى العملة الوطنية و الثانية بيزو قابل للتحويل ( أو الدولار في اللغة المتداولة ) .
لقد حقق اقتصاد كوبا نهضة قوية بالرغم من بقاء بعض القيود التي تثقل الحكومة لكن مقارنة مع الماضي نجد فرقا كبيرا . حيث كان اقتصاد كوبا مجنزرا بالديون الكبيرة مع العجز التام عن سدادها . أما اليوم فقد ضمد جراحه و بدّل واقعه . كل ذلك بفضل دعم القطاعات التي ذكرنا سابقا في تقريرنا . فحقق نموا جيدا حتى اعتبر من الاقتصادات الموعودة بالنجاح في المستقبل القريب .
المصادر و المراجع :