Table of Contents
هل تعرف من هو مكتشف الدورة الدموية الصغرى ؟ تعرّف عليه في هذا المقال وعلى حياته وكيف توصل هذا العالم الإسلامي اللامع لاكتشافه والقصة الكاملة لهذا الاكتشاف.
إذا أردنا التحدث عن العصر الذهبي الإسلامي فلا بد لنا أن نذكر العالم والطبيب ابن النفيس الذي اكتشف الدورة الدموية الصغرى وساهم في تطوير الطب.
كان ابن النفيس(1213-1288) طبيباً عربياً قدم العديد من الإسهامات الهامة في المعرفة الحقيقية للدورة الدموية, حيث كان أول شخص يطعن في الادعاء طويل الأمد لمدرسة جالينوس بأن الدم ممكن أن يمر عبر الحاجز القلبي بين البطينين, وتماشياً مع ذلك كان يعتقد بأن كل الدم الذي وصل إلى البطين الأيسر يمر عبر الرئة.
وذكر أيضاً أنه يجب أن تكون هناك مسام صغيرة بين الشريان الرئوي والوريد , ولكن كان غالباً ما تحظى هذه الحقبة باهتمام ضئيل من قبل علماء وظائف الأعضاء ولكن بعض المؤرخين سموها بالعصر الذهبي الإسلامي.
مكتشف الدورة الدموية الصغرى
مكتشف الدورة الدموية الصغرى هو ابن النفيس الطبيب والعالم الإسلامي الشهير .
اسمه الكامل هو علاء الدين أبو الحسن علي بن أبي حزم القرشي الدمشقي, ملقب (ابن النفيس) . ولد في دمشق عام 1213 , وتلقى تعليمه الطبي هناك, في مستشفى كلية الطب( مستشفى النوري) .
في سن 23 انتقل إلى القاهرة حيث عمل أولاً في مستشفى النصري, ثم في مستشفى المنصوري, حيث أصبح طبيباً عاماً . ونشر أهم أعماله ( التعليق على علم التشريح في كتاب القانون لابن سينا والذي تضمن وجهات نظره الرائدة حول الدورة الدموية والقلب) وذلك عندما بلغ من العمر 29 عاماً فقط. كما عمل على كتاب مدرسي خم سمي ( الكتاب الشامل للطب), حيث كان أكبر موسوعة طبية تمت تجربتها في ذلك الوقت.
كما أنه كتب على نطاق واسع في مجالات خارج الطب , بما في ذلك القانون , واللاهوت, والفلسفة , وعلم الاجتماع, وعلم الفلك. كما قام بتأليف إحدى أولى الروايات العربية وهي قصة خيال علمي لطفل نشأ في جزيرة صحراوية منعزلة وقد تمت ترجمة هذه الرواية.
ذات صلة :
- مكتشف الدورة الدموية: القصة الكاملة لهذا الاكتشاف الرائد
- مكتشف الأنسولين : القصة الكاملة لهذا الاكتشاف المذهل
الدورة الدموية كما شرحها ابن النفيس
كانت تعاليم جالينوس ومدرسته قد سادت لقرابة الألف عام وذلك في زمن ابن النفيس, درس ابن سينا كتابات جالينوس على نطاق واسع وعدلها إلى حد ما.
حيث خضع الطعام في القناة الهضمية للهضم , وتم نقله إلى الكبد حيث يتشكل الدم, ثم تدفق الدم إلى البطين الأيمن حيث دخل القليل من الدم إلى الرئتين عبر الشريان الرئوي لتغذيتها, لكن باقي الدم وصل إلى البطين الأيسر من خلال مسام غير مرئية موجودة في الحاجز بين البطينين. كان وجود هذه المسام المزعومة لغزاً حير علماء التشريح لأكثر من ألف عام. لكنها كانت السمة الأساسية في مخطط جالينوس , لأنه لم يتم تقدير كمية الدم المتدفقة من الرئتين إلى القلب في البطين الأيسر.
حقق ابن النفيس ثلاث تطورات مهمة فيما يتعلق بمخطط جالينوس فقال في علم التشريح في كتاب القانون لابن سينا:
أولاً
صرح بكل قاطع بأن الحاجز بين البطينين الأيمن والأيسر لم يكن مسامياً, ولا يمكن أن يسمح للدم بالمرور من خلاله, لذا لا يوجد ممر بين هذين التجويفين( البطين الأيمن والأيسر) لأن جوهر القلب صلب في هذه المنطقة, وليس له ممر مرئي كما كان يعتقد البعض , ولا ممر غير مرئي يمكن أن يسمح بنقل الدم كما ادعى جالينوس, فمسام القلب مغلقة ومادته سميكة.
ويتكرر هذا الإنكار القوي لنفاذية الحاجز بين البطينين في قوله: لا يوجد ممر على الإطلاق بين هذين البطينين , فالحاجز بينهما هو مادة أكثر سمكاً من الأجزاء الأخرى لمنع مرور الدم التي من الممكن أن تكون ضارة , لذا فإن ادعاء بعض الأشخاص بأن هذا المكان مليء بالثغرات هو ادعاء خاطئ , إذ أنه يقوم على فكرة مسبقة مفادها أن الدم من البطين الأيمن يجب أن يمر عبر هذه المسام وهم مخطئون.
ثانياً
نظراً لعدم وجود اتصال بين البطينين الأيمن والأيسر من خلال الحاج , ذل يعني بأن الذي يخرج من البطين الأيمن لا يمكن أن يصل إلا إلى البطين الأيسر عبر الدورة الدموية الرئوية, كما يشرح بقوله حيث يجب أن ينتقل الدم من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر بعد تنقيته وتسخينه في البطين الأيمن.
ثالثاً:
ذكر ابن النفيس في مقطع قصير آخر, أنه لا بد من وجود اتصالات صغيرة بين الشريان الرئوي والوريد الرئوي, فكان هذا تنبؤاً ملهماً بوجود الشعيرات الدموية الرئوية, ( فالعالم مارسيلو مالبيجي لم يرها إلا بعد 400 عام).
حيث سنذكر الآن الترجمة الحرفية لما قاله في هذا الشأن: ( إن القلب له بطنان فقط أحدهما مملوء بالدم وهو البطين الأيمن , والآخر مملوء بالروح وهو البطين الأيسر, ولا منفذ بين هذين البطينين البتة , وإلا فكان الدم ينفذ إلى موع الروح فيفسد جوهرها. والتشريح يكذب ما قالوه , والحاجز بين البطينين أشد كثافة من غيره لئلا ينفذ منه شيء من الدم ).
ذات صلة :
علماء الغرب تأخروا عن ابن النفيس 300 عام
ولم يصل العلماء في أوروبا إلى نفس النتيجة إلا بعد 300 عام, وهي ان الدم يجب أن يمر عبر الدورة الدموية الرئوية, ولا يمكن أن ينتقل مباشرة من البطين الأيمن إلى البطين الأيسر.
كان أول شخص ذكر هذا هو مايكل سيرفيتوس (1511-1553) الذي كتب , ” ومع ذلك لا يتم إجراء هذا الاتصال من خلال الجدار الأوسط للقلب, ولكن بترتيب بارع للغاية, يتم جريان الدم من البطين الأيمن إلى القلب في مسار طويل عبر الرئتين, ويصبح أصفر محمر ويسكب من الشريان الرئوي في الوريد الرئوي. ونتيجة لهذه الأطروحة تم حرق سيرفيتوس في جنيف.
ومن المثير للاهتمام أن هارفي كان بدايةً في حيرة من فيزيولوجيا الدورة الدموية الرئوية, حيث قال ” من غير المنطقي تمامً افتراض أن الرئتين تحتاجان لتغذيتهما إلى كمية كبيرة من الدم, حتى جاء ابن النفيس وشرح الآلية الحقيقية للدورة الدموية الصغرى وكان هذا الاكتشاف نافع للبشرية جمعاء.
أحد الأضواء الرائعة لابن النفيس هو كيف عرف العالم الغربي شرح مخطوطة التشريح في كتاب الشريعة لابن سينا قبل حوالي 80 عاماً فقط. حيث عثر طبيب مصري شاب اسمه محي الدين التطاوي على المخطوطة في مكتبة الدولة البروسية في برلين أثناء كتابة أطروحة الدكتوراه الخاصة به, لكلية الطب في جامعة فريبورغ ام بريسغاو بألمانيا.
تم تعيين الطبيب الشاب بعد ذلك من قبل دائرة الصحة العامة المصرية ونقله إلى بلدات اقليمية صغيرة حيث لم يتمكن من إجراء المزيد من البحوث, ولكن لحسن الحظ أن المستشرق الطبي البارز ماكس مايرهوف اطلع على الاكتشاف وكتب تعليقاً على اطروحة الطبيب الشاب لإنقاذها من النسيان. وتم إنجاز خمس نسخ مكتوبة من الاطروحة, ونشر مايرهوف لاحقاً ترجمات ألمانية وفرنسية وانكليزية للأجزاء ذات الصلة من شرح ابن النفيس.
ويبقى هنا السؤال الأخير المثير للاهتمام هو ما إذا كان العلماء مايكل سيرفيتوس, الذي يرجع تاريخ كتابه إلى 1553, وفيما بعد فالفردي, و فيساليوس, وهارفي على علم بعمل ابن النفيس حول الدورة الدموية الرئوية الذي نشر قبل أكثر من 300 عام.
ذات صلة :
المراجع :