Table of Contents
السوريين في كندا : منذ العام 2011 ، تسبب الصراع في سوريا بتدمير البلد ، مما دفع ملايين المواطنين السوريين للجوء إلى الدول المجاورة ، و غير المجاورة ، هرباً من الحرب.
و إلى الآن ، يبقى الاعتراف بأزمة اللاجئين السوريين دولياً ، حيث يتمّ اعتبارها أنها أكبر أزمةِ لاجئين في عصرنا الحديث
تسببت الحرب الأهلية السورية بإعادة مستوى المعيشة في سوريا إلى الخلف لعقودٍ من الزمن ، و ساهمت في تدمير أنظمةِ الرعاية الصحيّة ، و المدارس ، و البُنى التحتيّة ، و مرافق المياه و الصرف الصحي.
كما أنّ مئات آلاف السوريين قد فقدوا أرواحهم ، و هرب ما يزيد عن 5.5 مليون سوري من البلاد كلاجئين ، إضافةً لنزوح ما يقارب 6 ملايين سوريٍّ آخرين داخل البلاد ، من ضمنهم 2.6 مليون طفلٍ.
كلّ هؤلاء الأطفال السوريين ، قد شهدوا العنف بأشكاله المتنوعة ، و يتم اعتبارهم الأفراد الأكثر ضرراً من هذه الحرب.
السوريين في كندا
السوريين في كندا ، إما أنهم الأفراد الذين يعودون إلى أصولٍ سورية ، أو الوافدين الجدد الحاملين للجنسية السورية ، أو المهاجرين ، أو ربما يكونون الأفراد اللاجئين إلى كندا ، أو غيرهم.
و بحسب تعداد عام 2016 للسكان ، فقد بلغ عدد السوريين في كندا (السوريين الكنديين) 77050 كندياً سورياً ، بالمقارنة مع تعداد عام 2011 ، الذي بلغ فيه عدد السوريين في كندا 40840 كندياً.
و يُذكر أنه منذ أن تمّ انتخاب “جاستن ترودو” كرئيسٍ للوزراء في كندا ، في عام 2015 ، قد استقر ما يزيد عن 25000 لاجئٍ من السوريين في كندا.
يُشار إلى بدءِ هجرةِ السوريين إلى الأمريكيّتين ، في أوائل ثمانينيات القرن 19.
و يقال أن الغالبية العظمى منهم قد هاجروا إلى أمريكا الجنوبية ، أما نسبةٌ صغيرة منهم فقد شقوا طريقهم إلى الولايات المتحدة ، بينما استوطنت نسبةٌ أقلّ في كندا.
كما يُذكر أن الغالبية العظمى من السوريين المهاجرين آنذاك ، ممن استوطنوا كندا منذ ثمانينيات و ستينيات القرن 19 ، كانوا يتبعون الديانة المسيحية.
و في العام 1896 ، جاء من يسمى “الراعي للحشد المفقود أو الحشد الضائع” ، Raphael Hawaweeny من بروكلين في ولاية نيويورك إلى مونتريال.
و كان الهدف من مجيئه ، هو المساعدة في إنشاء جمعيةٍ مسيحيةٍ تم إطلاق اسم “الجمعية الخيرية السورية” عليها ، ثم لاحقاً ساعد في إنشاء كنيسةٍ أرثوذكسية في مدينة مونتريال ، للمؤمنين السوريين الوافدين حديثاً.
المواقف السياسية على إعادةِ التوطين السوريين في كندا
باتت قضية “إعادة توطين اللاجئين السوريين” ، هي قضيةٌ سياسية يتم اللعب عليها في الانتخابات الفيدرالية الكندية ، التي تمّ إجراؤها في خريف عام 2015.
إضافة للتحدث ـ من قِبل بعض السياسيين المحافظين خلال الحملة الانتخابية ـ عن روابط لا منطق فيها ، تتحدث عن ارتباط اللاجئين السوريين ، بالإسلام ، و الإرهاب.
و في أكتوبر / تشرين الأول 2015 ، أفادت وسائل الإعلام كذلك ، عن تراكمِ ما يقارب 7500 طلبٍ من اللاجئين السوريين ، الذين تمت إحالتهم من قبل الأمم المتحدة إلى كندا على الحكومة السابقة.
حيث أن هذه الطلبات لم تتم معالجتها خلال الوقت الذي بدأ فيه الجمهور بالضغط ليحصلَ على معلوماتٍ عمّا ستقوم به كندا فيما يتعلق بالنزاع السوري.
و بالإضافةً لذلك ، فقد ساهمت الجماعات المجتمعية ، و المنظمات الدينية أيضاً في تلك الجهود.
كما قدمت الجامعات تعهداتٍ بأنها ستجلب مزيداً من الطلاب السوريين اللاجئين إليها ، و ظهرت المشاريع المساهمة في تقديم المساعدة في طلبات الرعاية في كندا ، إضافةً لدعمِ اللاجئين السوريين على المستوى التعليميّ ، في بعض البلدان المضيفة ، مثل لبنان.
بات الرد الكنديّ المتعلق بالصراع السوري قضيةً محتدمةً في الانتخابات الفيدرالية ، في شهر أكتوبر / تشرين الأول 2015.
فقد قام الحزب الليبرالي بالإدلاء بتصريحاتٍ خلال حملاته ، قال فيها أنه سيصلح نظام إعادة التوطين الكندي ، كما تعهّد بأنه سيعيد توطين ما يزيد عن 25000 لاجئٍ سوريّ إذا ما تمّ انتخابه.
و في 24 نوفمبر / تشرين الثاني 2015 ، قامت الحكومة التي تم انتخابها حديثاً بالاستجابة لإعادة التوطين المتعلقة بالنزاع السوري ، كما أنّها حققت هدفها الذي وعدت به ، و الذي يتمثّل بإعادة توطينِ جميع اللاجئين السوريين ، البالغين 25000 لاجئٍ في نهاية فبراير / شباط 2016.
حقائق بالنسب المئوية عن اللاجئين السوريين في كندا
سوف نستغلّ المعلومات المستقاة من تعداد 2016 ، من أجل فحص الملف الاجتماعيّ الديموغرافي ، إضافة للوضع الوظيفي للاجئين السوريين :
- يشير تعداد عام 2016 إلى وصول ما يقارب 25000 لاجئاً سورياً ، بين 1 يناير / كانون الثاني 2015 ، و 10 مايو / أيار 2016 ، و حتى يوم التعداد ، كانوا لا يزالون يعيشون في كندا. و قد حصل 53٪ من بينهم ، على مساعدةٍ حكومية.
- اللاجئون السوريون هم من فئاتٍ عمريةٍ أصغر من اللاجئين الوافدين من دولٍ أخرى. كما أن الأزواج الذين لديهم أطفال ، يشكلون نسبة 85٪ من عائلات اللاجئين السوريين ، بالمقارنة مع 63٪ من بين عائلات اللاجئين الوافدين من دولٍ أخرى.
- ما يقارب 20٪ من اللاجئين السوريين الذين تلقوا دعوةً من الحكومة ، يتحدثون إحدى اللغتين الإنجليزية أو الفرنسية ، بالمقارنة مع 67٪ من اللاجئين ذوي الكفالات الخاصة.
- أقل من 3٪ من اللاجئين السوريين الذين تلقوا دعوةً من الحكومة ، حائزين على شهادةٍ جامعية ، بالمقارنة مع 25٪ من اللاجئين ذوي الكفالات الخاصة.
- عندما تمّ إجراء التعداد السكاني في عام 2016 ، كان 33٪ من اللاجئين السوريين يقطنون مناطقَ تعدادِ مدن مونتريال و تورنتو الحضرية، بالمقارنة مع 29٪ من اللاجئين الوافدين من دول أخرى ، الذين يعيشون في تلك المناطق.
- في عام 2016 ، كانت نسبة العاملين من اللاجئين السوريين الذكور هي 24٪ ، مقارنةً مع 39٪ من بين اللاجئين الوافدين من دولٍ أخرى. و كانت نسبة العاملات من اللاجئات السوريات هي 8٪ ، بالمقارنة مع 17٪ من اللاجئاتِ من دولٍ أخرى.
- في الغالب ، فإن الاختلاف بين معدلات توظيف اللاجئين السوريين ، و غيرهم من اللاجئين من بلدانٍ أخرى ، إلى فترةِ قبولهم ، حيث أن اللاجئين السوريين قد وصلوا متأخرين أكثر من لاجئي البلدان الأخرى إلى كندا.
توزع السوريين في أنحاء كندا
عندما تمّ إجراء التعداد السكاني في عام 2016 ، كانت مدينتا تورنتو و مونتريال يضمّان ثلث اللاجئين السوريين (8300 سورياً) ، بالمقارنة مع 29٪ من اللاجئين الوافدين من البلدان الأخرى.
و على مستوى المقاطعات ، فقد كانت مقاطعة أونتاريو تضمّ التجمّع الأكبر للاجئين السوريين (10210 سورياً) ، و من ثمّ تليها مقاطعة كيبيك (5295 سورياً).
بعض المناطق ، كانت تضمّ نسبةً كبيرةً من اللاجئين السوريين ، بنسبةٍ أكبر من السكان اللاجئين من دولٍ أخرى.
على سبيل المثال ، فإن 78٪ من اللاجئين الذين وصلوا خلال تلك الفترة ، ممن كانوا يقطنون مقاطعات الأطلسي عندما تم إجراء التعداد ، كان أصلهم سورياً ، و هذه نسبة تكاد تتطابق مع عدد اللاجئين السوريين في مونتريال.
أما في باقي مناطق كيبيك ، فقد شكّل السوريون نسبة 34٪ من اللاجئين المقبولين بين 1 يناير / كانون الثاني 2015 و 10 مايو / أيار 2016.
أما في العديد من الأماكن الأخرى ، فقد تراوحت نسبة اللاجئين السوريين بين 54٪ و 68٪.
العمل والبحث عن عمل
-
الوصول إلى سوق العمل :
الاستطلاع الإداري في عام 2018 ، يضمّ أحدث المعلومات التي تتعلق بوضع العمالة السوري.
حيث يشير الاستطلاع ، إلى أنه بعد مرور حوالي سنتين إلى ثلاث سنوات في كندا ، فقد قال 57٪ من السوريين الذين كانوا مشمولين في الاستطلاع أنهم يعملون.
في حين أن نسبة 23٪ من السوريين الذين شملهم الاستطلاع ، كانوا يبحثون عن عملٍ في الوقت الذي تمّ فيه إجراء الاستطلاع.
من المحتمل أن الكثير من العوامل كانت بمثابة عوائق و تحديات أمام الانضمام إلى صفوف القوى العاملة لا سيما المهارات اللغوية الضعيفة ، و قلة مستويات التحصيل التعليمي.
كما أنّ العوائق المهمة الأخرى في سوق العمل ، شملت أموراً كنقص المعرفة المتعلقة بكيفية التنقل في سوق العمل ، إضافةً لانخفاض رأس المال الاجتماعي ، و شبكات المعارف من أجل تأمين الوظائف ، و ضعف المهارات ، و غيرها الكثير.
البحوث ، كانت قد سلطت الضوء على وجود الرغبة لدى السوريين في متابعة مزاولة الوظائف التي عملوا فيها في وطنهم (مثل الميكانيكيين و عمال البناء).
-
العمالة المبكرة :
البيانات المقدمة في السجلات الضريبية لعام 2016 (و التي صدرت في أواخر عام 2018) ، تقدّم صورةً تاريخية لعملية التوظيف الأوليّ للسوريين ، التي تتمّ في غضون أشهر من وصولهم إلى كندا.
حيث تشير السجلات الضريبية لعام 2016 ، إلى أن 5٪ من اللاجئين السوريين بمساعدة الحكومة (GAR) ، البالغين ، و 40٪ من اللاجئين برعايةٍ خاصة (PSR) ، و 15٪ من مكتب التأشيرات المختلط (BVOR) ، قد أبلغوا عن تحصيلهم لأرباحٍ من وظائهم خلال الأشهر الأولى من وصولهم.
تقلّ حالات التوظيف السوري المبكرة ، عن تلك التي تتعلق باللاجئين الذين تمت إعادة توطينهم ، ممن وصلوا إلى كندا خلال الفترة الزمنية ذاتها ، حيث أن 22٪ من GARs المعاد توطينهم ، و 56٪ من PSRs و 30٪ من BVORs قد صرحوا عن أنهم يعملون.
الأجور و المرتبات :
كما هو المتوقع ، فقد ازدادت رواتب السوريين و أجورهم ، مع مرور الوقت في كندا.
بالنسبة للسوريين الذين وصلوا إلى كندا عام 2016 ، فقد وصل متوسط أجور GARs السوريين في عام 2017 إلى 10700 دولاراً سنوياً ، مقارنة بمتوسط أجور PSRs الذي بلغ 19700 دولاراً ، و 14000 دولاراً لـ BVORs السوريين.
هذه الاختلافات في الأجور بين السكان السوريين ، تعود إلى أن GAR السوريين البالغين ، يملكون مستوياتٍ تعليميةٍ ، و معرفةٍ أقلّ باللغات الرسمية الكندية ، بالمقارنةً مع PSRs السوريين البالغين.
الحياة اليومية للسوريين في كندا
غالبية الأفراد السوريين الذين شاركوا في الاستطلاع ، أشاروا إلى أنهم يملكون معلوماتٍ وافية حول العثور على الأشياء التي يحتاجون إليها في حياتهم اليومية.
حيث أن المعلومات التي تمّ تقديمها للسوريين عندما وصلوا إلى كندا ، اقتصرت على المعلومات الأساسية المتعلقة بحياتهم اليومية في كندا ، كالسكن ، و دروس اللغة ، و الرعاية الصحية.
كما أن الأبحاث تحدثت عن كثرة المعلومات التي تلقاها السوريون عند وصولهم ، و في الغالب أنهم لم يحتفظوا بهذه المعلومات المبكرة في أذهانهم.
و كانت الأبحاث شاهدةً على وجود بعض العوائق في طريقة إيصال المعلومات إلى السوريين ، بشكلٍ خاص لأن الأسر الكبيرة كان لديها ضعف في استيعاب المعلومات ، إضافةً للمقدرات اللغوية الضعيفة.
و أكدت الأبحاث على صعوبة إيصال المعلومات للنساء السوريات.
-
المواصلات :
تمت الإشارة إلى “المشي و المواصلات العامة” ، كوسيلتَي نقلٍ رئيسيتين ، يستخدمهما السوريون بكثرة ، حيث أنّ هناك حواجزٌ ماديةٌ كانت تحول دون امتلاك السوريين لسيارة خاصة ، إضافة لتكاليف صيانتها.
و في حين أن السوريين الذين استخدموا وسائل النقل العام ، كان لديهم تفاعلاتٌ اجتماعية إيجابيّة عموماً ، إلا أن عوائق اللغة تسببت في صعوباتٍ في استخدام التنقل بوساطة الحافلات.
حيث شعر السوريون الذين واجهتهم صعوباتٌ في الوصول إلى وسائل النقل ، بالوحدة و الملل و الحزن.
-
الطعام :
بعض السوريين أشاروا إلى معاناتهم من انعدامِ الأمنِ الغذائي و اعتمادهم على بنوك الطعام.
حيثُ أفاد 23٪ من السوريين المشمولين في الاستطلاع ، أنهم أحياناً ، أو غالباً ، لم يكونوا يملكون طعاماً كافياً ، أو مزيداً من المال لشراء المزيد من الطعام.
إضافة لذلك ، قال 43٪ منهم ، أنهم اعتمدوا على بنك الطعام أكثر من مرتين.
بحسب الأبحاث ، تسبب عدم توافر الغذاء و تكلفته بالقلق الشديد للسوريين ، إضافة إلى أن رغبتهم في الحصول على طعامٍ يشبه طعام بلدهم الأصلي ، قد ساهمت في ارتفاع تكاليف المعيشة.
-
الحياة العائلية :
قالت الأبحاث ، أن بعض العائلات السورية شهدت معاناةً من الشعور بالأمان في كندا.
كما أنّ محاولات أفراد الأسرة لإيجاد معنى لحياتهم ، من الممكن أن تكون أسباب هذا الصراع.
إضافةً لذلك ، رُبما تسبّبت التغييرات الديناميكية للأسرة بعد إعادة التوطين (كالتحاق الأم بالمدرسة بِنيّة الانضمام إلى القوى العاملة) بتوتراتٍ عائليةٍ.
الخلاصة
بعض المعلومات المتعلقة باستقرار السوريّين في كندا ، تُظهر نتائجاً إيجابيةً ، إضافة لتسليطها الضوء على وجود بعض العوائق و التحديات التي لا تزال حتى الآن تواجه الوافدين السوريين.
و في حين أن بعضهم يواجهون صعوبات تتعلق بالاندماج ، في كندا ، إلا أنّ هذه العوائق لا تواجه السكان السوريين فحسب. بل إنها في الواقع صعوباتٌ شائعة يواجهها الوافدون الجدد عموماً ، و خصوصاً اللاجئين الذين تتم إعادة توطينهم بعد هربهم من أوضاعٍ صعبة.
و عموماً ، فإن نتائج اندماج السوريين شهدت ارتفاعاً في تحسنها منذ وصولهم إلى كندا.
إن الاستقرار و الاندماج في المجتمع الجديد ، يستغرقان وقتاً ليس بالقليل.
و ذلك لأن السوريين لا يزالون في بداية رحلة الاندماج ، لذلك فإن النتائج ستتابع تطورها ، طالما أنهم يقضون مزيداً من الوقت في كندا ، و يجعلونها وطنهم.
ذات صلة :
المصادر :
- https://www.canada.ca/en/immigration-refugees
- https://theconversation.com/syrian-refugees-in-canada-
- https://www150.statcan.gc.ca/n1/pub/75-006-x/2019001/
- https://www.worldvision.ca/stories/refugees/s