أدت الحرب الروسية الأوكرانية إلى ارتفاع كبير في أسعار السلع الغذائية في أمريكا، والتي يأتي في مقدمتها الحبوب والزيوت النباتية. وذلك بسبب الامدادات الهائلة التي تحتاجها الحرب، الأمر الذي كان سبباً في تهديد الملايين في إفريقيا والشرق الأوسط وأماكن أخرى في بقاع العالم بالجوع.
وقد ذكرت FAO “أن مؤشر أسعار الغذاء الذي يتَتَبع التغيرات الشهرية في الأسعار الدولية لسلعة من السلع، قد بلغ 159.3 نقطة الشهر الماضي، أي بزيادة 12.6٪ عن مؤشر فبراير/شباط الذي يعتبر أعلى مستوى وصل إليه المؤشر منذ إنشائه”.
وأعلنت “FAO” إن الحرب في أوكرانيا كانت العامل الأساسي في ارتفاع أسعار الحبوب بنسبة 17.1٪ ، بما في ذلك القمح وأنواع أخرى مثل الشوفان والشعير والذرة، ويذكر أن روسيا وأوكرانيا تشكلان معاً حوالي 30٪ من صادرات القمح و20٪ من الذرة العالمية.
كما أشار “Josef Schmidhuber” نائب مدير قسم الأسواق والتجارة في منظمة الأغذية والزراعة إلى أنه:” من الواضح أن هذه الأسعار المرتفعة جداً للمواد الغذائية تتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة”.
ويذكر أن الزيوت النباتية كان لها النصيب الأكبر في ارتفاع الأسعار، فقد ارتفع المؤشر بنسبة 23.2٪، متأثراً بارتفاع أسعار زيت بذور عباد الشمس، والتي تعتبر أوكرانيا المصدر الأول له في العالم تليها روسيا .
وقد قال “Schmidhuber” للصحفيين في جنيف: ” إن هناك اضطراب كبير في الإمدادات فعلاً، وهذا الاضطراب في الإمدادات من منطقة البحر الأسود أدى إلى ارتفاع أسعار الزيوت النباتية”.
وأضاف” أنه لايستطيع تحديد مدى تأثير الحرب على هذا الارتفاع في أسعار المواد الغذائية، وأشار أيضاً إلى أن سوء الأحوال الجوية في الولايات المتحدة والصين كان له آثر كبير على المحاصيل، كما أضاف إن “العوامل اللوجستية” تلعب دورا كبيراً أيضاً.
يذكر أنه حالياً لا توجد صادرات عبر البحر الأسود بشكل أساسي، وحتى أن الصادرات عبر دول البلطيق تكاد تقترب من نهايتها.
الأمر الأكثر أهمية هو أن ارتفاع أسعار المواد الغذائية وتعطل الإمدادات القادمة من روسيا وأوكرانيا هددت بنقص الغذاء في بلدان في الشرق الأوسط وإفريقيا وأجزاء من آسيا التي تعاني بطيبعة الحال من أزمات غذائية، ويصعب فيها على الناس الحصول على غذائهم. ولاسيما أن هذه الدول تعتمد على إمدادات القمح والحبوب الأخرى من منطقة البحر الأسود، وبتكاليف ميسورة نوعاً ما، وذلك لإطعام ملايين الأشخاص.
وهناك مراقبة عن كثب ومتابعة للأوضاع لدى منتجي الحبوب الكبار مثل الولايات المتحدة و كندا وفرنسا وذلك لمعرفة مدى إمكانية زيادة الانتاج بالنسبة لهم، لكن بالمقابل تبين أن المزارعين يواجهون مشكلات حقيقية تتمثل في ارتفاع تكاليف الوقود والأسمدة التي ارتفعت بشكل كبير أيضاً بسبب الحرب، فضلاً عن الجفاف واضطرابات سلسلة التوريد.
هذا وقد أعلن “Sib Ollo” كبير الباحثين في برنامج الغذاء العالمي لغرب ووسط أفريقيا في داكار، السنغال: “أن الاضطرابات الناجمة عن الحرب في منطقة الساحل وسط وغرب إفريقيا، ساعدت أيضاً في تفاقم الوضع الغذائي غير المستقر، والذي نجم عن جائحة COVID-19، والصراعات، وسوء الأحوال الجوية.
وأضاف ” أن هناك تدهور حاد في الأمن الغذائي في المنطقة، حيث أن هنالك ستة ملايين طفل يعانون من سوء التغذية وحوالي 16 مليون شخص في المناطق الحضرية معرضون لخطر انعدام الأمن الغذائي”.
وأوضح “أن المزارعين قلقون بشكل خاص من عدم تمكنهم من الوصول إلى الأسمدة المنتجة في منطقة البحر الأسود حيث أن روسيا هي مصدر عالمي ورائدة في هذا المجال”. مضيفاً ” أن تكلفة الأسمدة قد ارتفعت بنسبة 30٪ تقريباً في أماكن كثيرة من المنطقة وذلك أيضاً بسبب انقطاع الإمدادات الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية”.
كما أشار إلى “أن برنامج الغذاء العالمي طلب 777 مليون دولار لتلبية احتياجات 22 مليون شخص في منطقة الساحل ونيجيريا على مدى ستة أشهر”.
ويقول “Schmidhuber” إنه من أجل تلبية احتياجات البلدان المستوردة للغذاء، تعمل منظمة FAO على تطوير اقتراح لآلية لتخفيف تكاليف الاستيراد بالنسبة للبلدان الأكثر فقراً حيث يدعو الاقتراح البلدان المؤهلة لتعزيز استثماراتها في مجالات الزراعة للتخفيف قدر الإمكان من هذه الصعوبات”.